اولا احب ان اوضح ان هذه المقاله طويله شويه فأرجوا التحلى بالصبر وسعة الصدر اثناء قرائتها وفضلت ان تكون مكتمله لان كلموضوعاتها مرتبطه ببعضها
ابدأ كلامى بخبر قرأته فى احدى الصحف الاسبوعيه عن باحث اسلامى وهو المهندس الاستشارى على عبد الجواد – خطيب ومدرس معتمد من الازهر وهو يقوم بالرد على الروايه التى ورد فيها هذا المعنى المشهور بين عوام الناس أن النساء ناقصات عقل ودين وقد حث هذا الباحث المسلمين جميعا بالعمل على تنقية التراث الدينى الذى لدينا نحن المسلمين بما يتوافق مع القرآن الكريم وهدىالنبى – صلى الله عليه وسلم – وصحيح سنته التى ولا شك تتفق مع ما جاء فى كتاب الله عز وجل وقد فندها الباحث على النحو التالى
وردت هذه الروايه فى صحيح البخارى كتاب الحيض رقم 293 وكتاب الزكاة رقم 1369 وفى صحيح مسلم كتاب الايمان رقم 114 وفى الترمذى كتاب الايمان رقم 2538 وفى ابى داود كتاب السنه رقم 4059 وفى ابن ماجة كتاب الفتن رقم 3993 وفى مسند احمد فى مسند المكثرين رقم 5091 ولم ترد فى كل من النسائى والدارامى والموطأ لمالك لماذا وقد وضع علماء الحديث شروطاً لصحته هى 1- أن يكون السند متصلاً وأن يكون الراوى عادلا ضابطاً حافظاً والا يكون هناك راو مجروح فى السند مثل أن يكون موصوفاً فى كتب الرجال بصفات المرسل او المدلس او تغير حفظه أو تاه آخر عمره وقد وجدنا فى روايات البخارى ومسلم أن الراوى زيد بن اسلم رتبته يرسل(والمرسل كما قال النووى فى كتابه التقريب حديثه ضعيف) وهو راو مشترك فى روايات البخارى ومسلم وبذلك تضعف روايات البخارى ومسلم الثلاث وأيضاً لوجود عمر بن ابى عمرو ورتبته ثقة ربما وهم وكذلك المقبرى الذى رتبته تغير قبل موته بأربع سنين فى مسلم وهذا التضعيف بشروط اهل الروايات وعلماء الحديث كذلك وجدنا أن رواية الترمذى بها الراوى عبد العزيز بن محمد رتبته صدوق كان يحدث من كتب غيره فيخطىء وكذلك الراوى سهيل بن صالح رتبته صدوق تغير حفظه فهو مجروح وبذلك يكون الحديث ضعيفاً حسب القاعده فى علم الحديث التى تقول " الجرح مقدم على التعديل-
أن يكون المتن لا شذوذ فيه ولا علة ومنطوق المتن فى البخارى هو ( خرج رسول الله فى اضحى أو فطر- الى المصلى ثم انصرف فوعظ الناس وأمرهم بالصدقة فقال : ايها النساء تصدقوا فمر على النساء فقال : يا معشر النساء تصدقن فأنى رأيتكن أكثر أهل النار فقلن وبم ذلك يا رسول الله قال " تكثرن اللعن وتكفرن العشير ، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن يا معشر النساء ثم انصرف فلما صار الى منزله جاءت زينب إمرأة بن مسعود تستأذن عليه فقيل يا رسول الله هذه زينب فقال أى الزيانب فقيل إمرأة بن مسعود فأذن لها قالت يا نبى الله إنك أمرت بالصدقه وكان عندى حلى فأردت أن أتصدق به فزعم ابن مسعود أنه وولده أحق من تصدقت به عليهم فقال صدق بن مسعود) وشذوذ المتن فى الآتى :
- لم يحضر الرسول الا اضحى واحداً فقط فى السنه التاسعه فكيف لا يتذكر ذلك الراوى الناقل عن رسول الله ؟ وبذلك يكون الراوى غير حافظ وبذلك يكون مجرد مجروحاً!!! أليس هذا منطقياً ؟ وبالتالى فيكون السند ضعيفاً لجرح الراوى وكذلك الرواية.
- خطبة العيد تكون للرجال والنساء وقد خطب الناس وامرهم بالصدقة فهل خطب خطبة اخرى للنساء بعد خطبة العيد وأمرهم منفردين بالصدقه ايضاً؟ ثم كيف يرى رسول الله النساء فى النار وهن لم يحاسبوا بعد؟
- وصف النساء بالنقص فى العقل والدين وانهن يذهبن بلب الرجل الحازم ؟ فكيف يذهبن بلب الرجل الحازم الا بالخلاعه؟ وإظهار ما يذهب بلب الرجال وهذا يكون من سوء الخلق وليس من نقص العقل 0
إطلاق صفة نقصان العقل على مطلق النساء بما فيهم إمرأة فرعون ومريم والسيده خديجة وملكة سبأ لا يتكلم به رسول الله وقصة إمرأة بن مسعود الموجوده فى الروايه دليل على رجاحة عقل هذه المرأه التى أخذت بحكم الرسول
- واخيرا فإن الله لم يخلق المرأة ناقصة عقل ثم يحاسبها؟ فلها أن تفعل ما تشاء لأنها أصبحت سفيهة . وإذا كان تكريم المرأة فى نقصان عقلها فلماذا ترك الرجال دون تكريم؟ " والرجال شقائق النساء " كما يقول الرسول فى حديث آخر وفى الرواية "إنكن تكثرن اللعن وتكفرن العشير" فهل الرجال فى الاسواق لا يكثرون اللعن وهل الرجال الذين يتركون أولادهم وأزواجهم لا يكفرون العشير؟
- هذه الرواية لا يؤخذ منها عقيدة ولا حكم ولذلك لم يذكرها مالك ولا الدارامى ولا النسائى .
الاسلام لم يقسم المسلمين الى ناقصى عقول وكاملى عقول بل ساوى بين الناس0 وبجرح الرواة فى السند وشذوذ المعنى فى المتن يكون الحديث مشكوكاً فى صحته وضعيفاً ولا يجب أن يؤخذ به فى الحكم على النساء !! حسب شروط علماء الحديث !! فما رأيكن يا كاملات العقل والدين؟ فهل من مدافع عن سنة رسول الله – لتنقيتها- لا يخاف فى الله لومة لائم؟ والله يقول " وإذا قيل لهم اتبعوا ما انزل الله قالوا بل نتبع ما الفينا عليه أباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئاً ولا يهتدون) "البقرة:170" ويتساءل الباحث : هل من الممكن .. أن تقبل النساء أن يلقى عليهن أحد السلام ويقول: السلام عليكن ايتها الناقصات فى العقل والدين؟ .. وكيف نفسر موقف إمرأة فرعون التى فاقت كثيراً من الرجال فى الحكمة والعقل ، بل وجعلها القرآن نموذجاً للرجال قبل النساء؟ 00 ولماذا يربط البعض بين عاطفة المرأة وبين هذا النقصان.. أليس من الأولى أن تكون العاطفة سبباً لرجاحة العقل .
لكن وهذا هو الاهم : كيف يقول رسول الله هذا الوصف عن النساء ، ويقول لنا فى حديث آخر " خذوا نصف دينكم عن هذه الحميراء" أى السيدة عائشة – اليست عائشة من النساء اللاتى ينطبق عليهن حديث نقص العقل والدين؟ وهل نأخذ ديننا من ناقصة عقل ودين كرمها القرآن بوصفها إحدى امهات المؤمنين
فلنتقى الله فى ديننا .. ولنعمل عقولنا حتى لا نكون ممن قالوا " لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا فى اصحاب السعير
حقاً جزاك الله خيراً ايها الباحث والعالم الجليل وازيد على ما ذكرت العديد من قصص تنتقص من قدر المرأه وتحجمه وتحقره فنجد ان معظم النصوص القرآنيه اللى بتخص المرأة وحقوقها ان القرآن على عكس التوراة مثلا لا يجعل من حواء نموذج الجنس النسائى – وسيلة الشيطان لإغواء آدم بالاكل من الشجره المحرمه عصياناً للامر الالهى ولكن القرآن كان واضحاً فى التسوية بين آدم وحواء فى المسئولية والعقاب ولكن المفسرين المسلمين دمجوا القصة التوراتية فى تفسيرهم ، وحملوا حواء مسئولية الخطيئة وهكذا صارت المرأة فى الخطاب المتشدد فى كل عصور التخلف عنواناً للرجس والخطيئة ومدخلاً للشيطان، وصار حبسها وحجبها عن الاختلاط والفعالية الاجتماعية هو الحل لا لصونها وحدها فقط من اغراء ابليس بل لصون الرجل كذلك. والفكر الاسلامى عامة شغل بقضية الانسان وعلاقته بالله دون اعتبار للجنس. ولكن لأن القرآن نزل فى البداية على قوم كان التمييز بين الرجل والمرأة جزءاً من ثقافتهم ونظامهم الاجتماعى، فكان من الطبيعى ان ينعكس ذلك على مساجلات القرآن معهم. والخطأ كل الخطأ على أن نتعامل مع التعبيرات السجاليه على انها تشريعات جاء بها الاسلام، وهو الامر الذى يفسر لنا كثرة الفتاوى والتأويلات الخاطئة النابعه من ذلك الخلط . ان المساواه بين الرجل والمرأه توجد فى جانبين اساسين الجانب الاول أصل الخلق من نفس واحدة وذلك خلافاً للتوراه التى تعتبر حواء جزءاً من آدم وخلقت من ضلع اعوج الذى يحتاج دائماً للتقويم بالتأديب. والجانب الثانى هو المساواة فى التكاليف الدينية وما يترتب عليها من ثواب أوعقاب، وذلك فى قوله تعالى " يا أيها الناس اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذى تساءلون به والارحام إن الله كان عليكم رقيباً"سورة النساء الايه1 وقوله تعالى" هو الذى خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها" سورة الاعراف الايه189 وقوله تعالى " من عمل صالحاً من ذكر أو انثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون" سورة النحل آية 97 وقوله تعالى" ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا" سورة النساءالايه 124 وقوله تعالى " ومن عمل سيئة فلا يجزى الا مثلها ومن عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب"سورة غافرآيه 40 وقوله تعالى " فأستجاب لهم ربهم أنى لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض " سورة آل عمران آية 195 وقوله تعالى" والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله اولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم. وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجرى من تحتها الانهار خالدين فيها ومساكن طيبة فى جنات عدن ورضوان من الله اكبر ذلك هو الفوز العظيم" سورة التوبه
يوجد بعض النصوص السجاليه يبدو فيها تمييزاً بين الذكر والانثى جاءت فى سياق الرد على المشركين حيث نسبوا لله الاناث وان الملائكة بنات الله وكانوا فى ذلك ينطلقون من عقائدهم آنذاك منذ القدم والتى كانت ما تزال بقاياها باقية حين نزل القرآن وذلك لان اسماء الالهة التى كانوا يعبدونها هى "اللات " و"العزى" "مناة" اسماء مؤنثه والدليل على تلك السجاليه ان القرآن يجمع الامرين عبادة الالهه المؤنثه ونسبة الاناث (الملائكه) الى الله فى سياق واحد فى قوله تعالى " أفرايتم اللات والعزى . ومناة الثالثة الاخرى . الكم الذكر وله الانثى . تلك إذاً قسمة ضيزى. إن هى الا اسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن يتبعون الا الظن وما تهوى الانفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى . أم للانسان ما تمنى . فلله الآخرة والاولى" سورة النجم الايات19-25
ونفترض ان المجتمع العربى قبل الاسلام كان قد تجاوز مرحلة المجتمع الامومى الانثوى وصار مجتمعاً ذكورياً لان عبادة آلهة مؤنثة تتناقض مع قواعد التعامل مع الانثى بوصفها كائن منحطاً يجلب العار كما كان واضحاً من ممارسة وأد البنات فى قوله تعالى " وإذا المؤدة سئلت. بأى ذنب قتلت" ولذلك اعتبر القرآن ان اصرار العرب على نسبة الاناث الى الله يعتبر من منطق القيم السائده آنذاك نوعاً من التحقيروكانوا يتصورون ما هو اشد وثنيه وهو وجود علاقة نسب بين الله والجن نتج عنها ولادة الملائكه فكان قوله تعالى " إن يدعون من دونه إناثاً وإن يدعون الا شيطاناً مريداً"سورة النساء
ومما يندرج ايضاً فى سياق الوصف القرآنى ولكنه اعتبر تشريعاً قوامة الرجل على المرأة والتى فهمت على بأنها تعنى مسئولية الرجل عن المرأة بكل ما يترتب على المسئولية من سلطة عقاب يمارسها الرجل تأديباً للمرأة من (الهجر والضرب ) وذكرها فى قوله تعالى " الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما انفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتى تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن فى المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً إن الله كان علياً كبيراً" سورة النساء " - احب ان ابرز ملاحظه هنا وهى ان يكفينا شرفاً نحن النساء ان الله سبحانه وتعالى انزل سورة بأسمنا نحن تخص كل شئوننا فهل يوجد اكثر من ذلك تشريفاً – والذى يتأمل المرويات التى اوردها السيوطى فى سبب نزول هذه الآية يدرك مسألة مراعاة الوحى لأحوال المخاطبين وأخذها فى الأعتبارإذ تحكى ان امرأه جاءت للنبى(ص) تشكو زوجها لانه لطمها ، فقال النبى"ليس له ذلك" وفى رواية اخرى أن النبى حكم للمرأة أن تقتص من زوجها – أى تلطمه كما لطمها- ولعل ذلك الحكم من جانب النبى – ان صحت الرواية- كان إعمالاً لمبدأ القصاص ولا شك ان انكار النبى هذا الفعل من جانب الزوج له دلاله واضحه على تأكيد مبدأ المساواة الاصلى فى الاسلام ولكن لان المخاطبين لم يكونوا بعد قادرين على احتمال تلك المساواه نزلت آية القوامه ولكن السؤال هل الآية تشرع للقوامه أم تصف واقع الحال فى عصر ما قبل الاسلام؟
ففى قوله تعالى "بما فضل الله بعضهم على بعض" فهنا تفضيل الهى للرجل على المرأة كتفاوت الدرجات والتفاوت الاجتماعى والاقتصادى بين البشراو القدرة البدنيه وليس المقصود ان يتخذ البعض الاخر بالسخرية والتحقير فالقوامه إذا ليست تشريعاً بقدر ما هى وصف للحال وليس تفضيل الرجال على النساء فالدرجة التى للرجال على النساء فرع على اصل ققوله " ولهن مثل الذى عليهن بالمعروف" اى بحسب التقاليد والاعراف المستقرة فى المجتمع ولم يقل احداً ان التقاليد والاعراف احكام الهية ابدية مطلقة وان معنى القوامة ليس السلطة المطلقة العمياء بمعنى التحكم والاستئثار بسلطة اتخاذ القرار من جانب الرجل ووجوب الطاعة المطلقة – العمياء أيضاً – من جانب المرأة إن معنى "القوامة" القيام بتحمل المسئولية الاقتصادية والاجتماعية اليس الله سبحانه وتعالى "الحى القيوم" بمعنى القائم بحفظ الوجود ورعايته وهو القائم بالقسط اى بالعدل والقائم على كل نفس بما كسبت القوامه إذاً مسؤولية يتحملها من يستطيع من الطرفين الرجل أو المرأة ، او يتشاركان فيها بحسب ملابسات الاحوال والظروف . ولعل مما له دلالة أن القرآن جعل علة القوامه أمرين : الافضلية والقدرة على الانفاق ، لكنه لم يحدد بشكل قاطع أفضلية من على من وتركها من دون تعيين ، الامر الذى يعنى تداول القوامة أو المشاركة فيها ونرى من كل ما تقدم ان القرآن ساوى بين الرجل والمرأة فى الاهلية ، والتكاليف الدينيه وان تحققت فإن ذلك يفتح الى أبعد الحدود أبواب المساواة بين الجنسين فى التكاليف الدنيويه التى تحرم منها المرأه فى كثير من الاحيان وقرر القرآن أن المرأة مسؤولة مع الرجل عن إصلاح الواقع وعمارة الارض فالرجال والنساء فيه أولياء بعض هم ليسوا ذكراً وانثى ،ولا سيداً ومسودا، ولا جنساً اعلى وآخر أدنى ، ولكن كل منهما معين للآخر وناصره فى الامر بالمعروف والنهى عن المنكر اى انهم جميعاً مسئولون عن اصلاح المجتمع وتقويمه ، وتقدمه والنهوض به ،الامر الذى يستلزم انتشاراً واسعاً متكافئاً فى كافة ميادين التربية والتنمية والتوجيه ولكى تنهض المرأه بواجبها فلابد لها ان تتسلح بما تقتضيه تلك المسئولية الكبرى من علم وخبره، وليس ذلك فحسب ، وإنما لابد لها ان تكون فى قلب موقع الاصلاح وشريكه فى اتخاذ القرار. ً،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاتة